يقدّم عام 2021 صورة أكثر دقة لتوقعات مستقبل شركات التكنولوجيا الكبرى بعد مرور عام على ازدهارها.
وقال الكاتب روبين باغنامينتا، في تقريره الذي نشرته صحيفة “تلغراف” (Telegraph) البريطانية، إنه بعد الازدهار الذي شهده عمالقة صناعة التكنولوجيا الكبرى في سياتل ووادي السيليكون عام 2020، سيصبح بوسعهم التفكير في عام استثنائي.
فقد شهدت أسعار أسهم شركات التكنولوجيا الأكثر قيمة على مستوى العالم تذبذبا قبل أن ترتفع وتبلغ مستويات أعلى من أي وقت مضى. فارتفعت أسهم شركة “ألفابت” (Alphabet)، المالكة لشركة غوغل، بنسبة 27% في 2020 ، بتقييم يقارب 1.2 تريليون دولار، كما ارتفعت أسهم أمازون بنسبة 70% إلى أكثر من 1.6 تريليون دولار.
وأشار الكاتب إلى أنه مع حجر المستهلكين في منازلهم حصدت شركات التكنولوجيا ثمار النشاط الاقتصادي بفضل بيع عدد لا يحصى من الأجهزة الشخصية والتطبيقات ومنصات التجارة الإلكترونية التي نعتمد عليها، ومن المرجح أن تستمر تلك الأرباح في التدفق.
في المقابل، تواجه الوحوش الكبيرة في وادي السيليكون التحدي الأكبر في تاريخها، المتمثل في رد الفعل العكسي التنظيمي الذي من شأنه أن يشكل تهديدا وجوديا لهذه الصناعة، يظهر في الدعاوى القضائية التي رفعت لمكافحة الاحتكار.
تفريق شركات التكنولوجيا الكبرى
من واشنطن العاصمة إلى بروكسل، عبّر كثير من المحامين والمشرّعين عن استيائهم من القوة المتنامية وازدياد ثروة الشركات التكنولوجية، وقلقهم من تأثير ذلك في المنافسة فضلا عن تأثيره المدمر في مدننا وصحتنا العقلية. ففي الشهر الماضي قدمت عشرات من الولايات الأميركية أول دعوى قضائية لمكافحة الاحتكار ضد محرك البحث الأساسي لشركة غوغل.
وزعمت ولاية أخرى بقيادة 10 ولايات مدعومة من الجمهوريين أن غوغل استخدمت سيطرتها على سلسلة توريد الإعلانات الرقمية لخلق الاحتكار. وقدمت وزارة العدل شكوى منفصلة تزعم أن الشركة أنشأت شبكة من الشراكات المصممة لمنع المنافسين من تأمين جمهور على أجهزة الهواتف الذكية.
فضلا عن تعرض فيسبوك لانتقادات شديدة بعد أن رفعت لجنة التجارة الفدرالية الأميركية و46 ولاية دعوى قضائية تتهمها بسلك “مسار من السلوك المضاد للمنافسة” بما في ذلك استخدام هيمنتها للقضاء على المنافسين الذين هددوا قوتها الاحتكارية.
وفي ظل تكهنات متزايدة بإمكانية تفكيك هذه الشركات، تجد الصناعة نفسها محاصرة في الوقت الراهن بأكبر سلسلة من إجراءات مكافحة الاحتكار منذ التسعينيات على الأقل، عندما واجهت شركة “مايكروسوفت” هجوما مماثلا.
دعاوى مكافحة الاحتكار ضد غوغل
لم يقتصر الأمر على الولايات المتحدة فحسب، فقد كشفت المفوضية الأوروبية عن قوانين الخدمات الرقمية والأسواق الرقمية الخاصة بها. وأعلنت المملكة المتحدة تشريعاتها المقترحة بشأن الأضرار عبر الإنترنت، والمصممة لخلق “عصر جديد من المساءلة” لمواقع التواصل الاجتماعي.
وستكون الطريقة التي تستجيب بها شركات التكنولوجيا الكبرى لهذا التهديد المتضخم بمنزلة الحدث الأكبر في عالم الأعمال لعام 2021. وستعمل على صياغة مستقبل أكبر الشركات في العالم، وستكون لها آثار واسعة النطاق بالنسبة للمستهلكين. ومن الأجدر لغوغل وفيسبوك وغيرهما من شركات التكنولوجيا الكبرى تبنّي نهج أكثر براغماتية والسعي للتوصل إلى تسوية، والموافقة على فصل الشراكات بطريقة وقائية مقابل تعليق الدعاوى القضائية.
ممرات السلطة
إذا كان لنا أن نسترشد بالتاريخ، فمن الممكن أن يكون تفكيك الاحتكارات مفيدا للمسهمين. فعندما قسمت الحكومة الأميركية شركة “إيه تي آند تي” (AT&T) إلى 8 شركات عام 1982 بعد معركة طويلة ضد الاحتكار، كانت قيمة المجموعة 47.5 مليار دولار، وبعد عقد من الزمن ارتفعت القيمة السوقية لتلك الشركات إلى 180 مليار دولار.
قد لا يكون كل قطب من أقطاب التكنولوجيا على استعداد للنظر في هذا النهج. في المقابل، ينبغي لهم الاتعاظ من تجارب أسلافهم وإدراك أنه من غير المرجح انقطاع تهديد مكافحة الاحتكار في أي وقت قريب، الأمر الذي سيصب في مصلحة المسهمين.